كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج



(قَوْلُهُ: إنَّهُ أَفْتَى) أَيْ: ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ.
(قَوْلُهُ: أَيْ: السَّوَادُ) إلَى قَوْلِهِ وَمِنْ ثَمَّ فِي النِّهَايَةِ وَإِلَى قَوْلِهِ انْتَهَى فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَمِنْ عُذَيْبِهَا إلَى الْمَتْنِ وَقَوْلَهُ وَعَكْسُ ذَلِكَ إلَى الْمَتْنِ.
(قَوْلُهُ: أَيْ: السَّوَادِ) أَيْ: سَوَادِ الْعِرَاقِ (قَوْلُ الْمَتْنِ مِنْ عَبَّادَانَ) مَكَان بِقُرْبِ الْبَصْرَةِ. اهـ. مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: بِفَتْحِ أَوَّلِيهِمَا) عِبَارَةُ الْمُغْنِي بِحَاءٍ مُهْمَلَةٍ وَمِيمٍ مَفْتُوحَتَيْنِ وَقُيِّدَتْ الْحَدِيثَةُ بِالْمَوْصِلِ لِإِخْرَاجِ حَدِيثَةٍ أُخْرَى عِنْدَ بَغْدَادَ سُمِّيَتْ الْمَوْصِلَ؛ لِأَنَّ نُوحًا وَمَنْ كَانَ مَعَهُ فِي السَّفِينَةِ لَمَّا نَزَلُوا عَلَى الْجُودِيِّ أَرَادُوا أَنْ يَعْرِفُوا قَدْرَ الْمَاءِ الْمُتَبَقِّي عَلَى الْأَرْضِ أَخَذُوا حَبْلًا وَجَعَلُوا فِيهِ حَجَرًا، ثُمَّ دَلَّوْهُ فِي الْمَاءِ فَلَمْ يَزَالُوا كَذَلِكَ حَتَّى بَلَغُوا مَدِينَةَ الْمَوْصِلِ فَلَمَّا وَصَلَ الْحَجَرُ سُمِّيَتْ الْمَوْصِلَ. اهـ.
(قَوْلُ الْمَتْنِ وَمِنْ الْقَادِسِيَّةِ) اسْمِ مَكَان بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكُوفَةِ نَحْوُ مَرْحَلَتَيْنِ وَبَيْنَ بَغْدَادَ نَحْوُ خَمْسِ مَرَاحِلَ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ قَوْمًا مِنْ قَادِسٍ نَزَلُوهَا. اهـ.
(قَوْلُهُ: بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ) بَلَدٌ مَعْرُوفٌ. اهـ. مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: بِإِجْمَاعِ الْمُؤَرِّخِينَ) رَاجِعٌ إلَى تَحْدِيدِ السَّوَادِ طُولًا وَعَرْضًا بِمَا ذُكِرَ.
(قَوْلُهُ: وَالْفَتْحُ أَفْصَحُ) أَيْ: فِي غَيْرِ النِّسْبَةِ وَأَمَّا فِيهَا فَإِنَّهُ مُتَعَيِّنٌ. اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ: وَتُسَمَّى قُبَّةَ الْإِسْلَامِ) وَلَمْ يُعْبَدْ بِهَا صَنَمٌ قَطُّ مُغْنِي وَسَمِّ (قَوْلُ الْمَتْنِ فِي حَدِّ السَّوَادِ) أَيْ: سَوَادِ الْعِرَاقِ (قَوْلُ الْمَتْنِ فَلَيْسَ لَهَا حُكْمُهُ) أَيْ: فِي الْوَقْفِيَّةِ وَالْإِجَارَةِ وَالْخَرَاجِ الْمَضْرُوبِ؛ لِأَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ لَمْ يَدْخُلْهَا فِي ذَلِكَ وَإِنْ شَمِلَهَا الْفَتْحُ هَذَا مَا يَقْتَضِيهِ سِيَاقُ الْمُصَنِّفِ وَبِهِ يَنْدَفِعُ مَا لِابْنِ قَاسِمٍ هُنَا. اهـ. رَشِيدِيٌّ أَيْ: مِنْ قَوْلِهِ يُتَأَمَّلْ هَذَا الدَّلِيلُ أَيْ: قَوْلُ الشَّارِحِ؛ لِأَنَّهَا كَانَتْ سَبِخَةً إلَخْ فَقَدْ يُقَالُ غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّ مَحَلَّهَا كَانَ مَوَاتًا لَكِنْ شَمِلَهُ الْفَتْحُ فَكَيْفَ انْقَطَعَ حُكْمُهُ عَنْهُ بِالْبِنَاءِ فِيهِ وَإِحْيَائِهِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: سَبِخَةً) بِكَسْرِ الْبَاءِ أَرْضٌ ذَاتُ سِبَاخٍ أَيْ مِلْحٍ. اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ: نَهْرُ الصَّرَاةِ) بِفَتْحِ الصَّادِ (قَوْلُ الْمَتْنِ وَمَوْضِعُ شَرْقِيِّهَا) وَمَا سِوَى هَذَيْنِ الْمَوْضِعَيْنِ مِنْهَا كَانَ مَوَاتًا أَحْيَاهُ الْمُسْلِمُونَ. اهـ. مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: شَارِحَانِ) مِنْهُمَا الْمَحَلِّيُّ. اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ: وَمَحَلُّهُ) أَيْ: جَوَازِ الْبَيْعِ.
(قَوْلُهُ: وَهُوَ بَعِيدٌ) قَدْ يُقَالُ بَلْ لَا يُمْكِنُ مِنْ تَسْلِيمِ أَنَّ الْمَوْقُوفَ الْأَرْضُ دُونَ الْبِنَاءِ وَظُهُورَ أَنَّ الْأَبْنِيَةَ الْمَوْجُودَةَ حَالَ الْفَتْحِ أَخَذَتْ آلَتَهَا مِنْ الْأَرْضِ قَبْلَ وَقْفِهَا ضَرُورَةَ أَخْذِهَا قَبْلَ الْفَتْحِ وَتَأَخَّرَ الْوَقْفُ عَنْ الْفَتْحِ. اهـ. سم.
(قَوْلُهُ: حَمَلَهُ) أَيْ: مَا نَقَلَهُ الْبُلْقِينِيُّ عَنْ النَّصِّ.
(قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لِمَنْ) إلَى الْمَتْنِ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: تَنَاوُلُ ثَمَرِ أَشْجَارِهَا إلَخْ) أَيْ: الَّتِي كَانَتْ مَوْجُودَةً قَبْلَ إجَارَة الْأَرْضِ إذْ الْحَادِث بَعْدَ ذَلِكَ مِلْكٌ لِمُحْدِثِهِ وَالْإِجَارَةُ شَامِلَةٌ لِذَلِكَ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ أَجْرُ جَرِيبِ النَّخْلِ وَالْعِنَبِ وَالزَّيْتُونِ. اهـ. ع ش عِبَارَةُ السَّيِّدِ عُمَرَ هَذَا وَاضِحٌ فِي الشَّجَرِ الْقَدِيمِ وَمَا تَفَرَّعَ مِنْهُ أَمَّا لَوْ أَتَى بِغِرَاسٍ مِنْ مَحَلٍّ آخَرَ وَغَرَسَهُ بِالسَّوَادِ الْمَذْكُورِ فَوَاضِحٌ أَنَّهُ مِلْكُ صَاحِبِهِ وَثَمَرَهُ كَذَلِكَ. اهـ. وَعِبَارَةُ الرَّشِيدِيِّ قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ أَنَّهَا أَيْ: أَرْضَ السَّوَادِ وَهَذَا فِي الْأَشْجَارِ الْمَوْجُودَةِ عِنْدَ الْإِجَارَةِ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ وَتُصَرِّحُ بِهِ عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ. اهـ.
أَقُولُ وَمَعَ هَذَا الْإِشْكَالِ بَاقٍ عَلَى حَالِهِ إذْ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ مَا اُسْتُثْنِيَ مِنْ وَقَفِيَّةِ السَّوَادِ وَإِجَارَتِهِ إلَّا الْأَبْنِيَةُ وَإِنَّ هَذِهِ خَارِجَةٌ عَنْ قَوَاعِدِ الْإِجَارَةِ فَتَكُونُ الْأَشْجَارُ الْقَدِيمَةُ دَاخِلَةً فِي إجَارَتِهِ بَلْ قَوْلُهُمْ السَّابِقُ وَأَجْرُ جَرِيبِ الشَّجَرِ وَالنَّخْلِ وَالْعِنَبِ وَالزَّيْتُونِ صَرِيحٌ فِي ذَلِكَ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ ثَمَرَةَ الْقَدِيمَةِ مِلْكٌ لِأَهْلِ السَّوَادِ أَيْضًا فَلْيُحَرَّرْ.
(قَوْلُهُ: فَيَصْرِفُهُ، أَوْ ثَمَنَهُ الْإِمَامُ إلَخْ).
(وَفُتِحَتْ مَكَّةُ صُلْحًا) كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى: {وَلَوْ قَاتَلَكُمْ الَّذِينَ كَفَرُوا} أَيْ أَهْلُ مَكَّةَ {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ} {الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ} أَيْ الْمُهَاجِرِينَ مِنْ مَكَّةَ فَأَضَافَ الدُّورَ إلَيْهِمْ وَالْخَبَرُ الصَّحِيحُ: «مَنْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَهُوَ آمِنٌ وَمَنْ دَخَلَ دَارَ أَبِي سُفْيَانَ فَهُوَ آمِنٌ وَمَنْ أَلْقَى سِلَاحَهُ فَهُوَ آمِنٌ وَمَنْ أَغْلَقَ بَابَهُ فَهُوَ آمِنٌ» وَاسْتِثْنَاءُ أَفْرَادٍ أَمَرَ بِقَتْلِهِمْ يَدُلُّ عَلَى عُمُومِ الْأَمَانِ لِلْبَاقِي وَلَمْ يَسْلُبْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَدًا وَلَا قَسَمَ عَقَارًا وَلَا مَنْقُولًا وَلَوْ فُتِحَتْ عَنْوَةً لَكَانَ الْأَمْرُ بِخِلَافِ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا دَخَلَهَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَأَهِّبًا لِلْقِتَالِ خَوْفًا مِنْ غَدْرِهِمْ وَنَقْضِهِمْ لِلصُّلْحِ الَّذِي وَقَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَبِي سُفْيَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَبْلَ دُخُولِهَا وَفِي الْبُوَيْطِيِّ أَنَّ أَسْفَلَهَا فَتَحَهُ خَالِدٌ عَنْوَةً وَأَعْلَاهَا فَتَحَهُ الزُّبَيْرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَدَخَلَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ جِهَتِهِ فَصَارَ الْحُكْمُ لَهُ وَبِهَذَا تَجْتَمِعُ الْأَخْبَارُ الَّتِي ظَاهِرُهَا التَّعَارُضُ وَأَمَّا مَا فِي فَتْحِ الْبَارِي أَنَّهُ صَحَّ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأَمْرُ بِالْقِتَالِ حَيْثُ قَالَ: «أَتَرَوْنَ إلَى أَوْبَاشِ قُرَيْشٍ وَأَتْبَاعِهِمْ اُحْصُدُوهُمْ حَصْدًا حَتَّى تُوَافُونِي بِالصَّفَا فَجَاءَهُ أَبُو سُفْيَانَ فَقَالَ: أُبِيحَتْ خَضْرَاءُ قُرَيْشٍ فَقَالَ: صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَغْلَقَ بَابَهُ فَهُوَ آمِنٌ» وَأَنَّ هَذَا حُجَّةُ الْأَكْثَرِينَ الْقَائِلِينَ بِالْعَنْوَةِ كَوُقُوعِ الْقِتَالِ مِنْ خَالِدٍ وَكَتَصْرِيحِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنَّهَا أُحِلَّتْ لَهُ سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ وَنَهْيِهِ عَنْ التَّأَسِّي بِهِ فِي ذَلِكَ وَإِنَّ تَرْكَهُ الْقِسْمَةَ لَا يَسْتَلْزِمُ عَدَمَ الْعَنْوَةِ فَقَدْ يَمُنُّ عَلَيْهِمْ بِدَوْرِهِمْ بَعْدَ الْفَتْحِ عَنْوَةً وَإِنَّ قَوْلَهُ: صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَهُوَ آمِنٌ» إلَخْ لَا يَكُونُ صُلْحًا إلَّا إذَا كَفُّوا عَنْ الْقِتَالِ وَظَاهِرُ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ أَنَّ قُرَيْشًا لَمْ يَلْتَزِمُوا ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُمْ اسْتَعَدُّوا لِلْحَرْبِ فَيُجَابُ عَنْهُ وَإِنْ سَكَتَ عَلَيْهِ تَلَامِذَتُهُ وَغَيْرُهُمْ، أَمَّا عَنْ الْأَوَّلِ فَبَانَ صَرِيحَ قَوْلِهِ حَتَّى تُوَافُونِي بِالصَّفَا أَنَّ أَمْرَهُ إنَّمَا كَانَ لِخَالِدٍ وَمَنْ مَعَهُ الدَّاخِلِينَ مِنْ أَسْفَلِهَا وَقَدْ بَيَّنَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ أَمَرَهُمْ أَنْ لَا يُقَاتِلُوا إلَّا مَنْ قَاتَلَهُمْ فَالْأَمْرُ بِالْقَتْلِ فِيمَا ذُكِرَ مَحْمُولٌ عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ أَيْ اُحْصُدُوهُمْ إنْ قَاتَلُوكُمْ وَلَا مَانِعَ أَنَّهُ كَرَّرَ قَوْلَهُ مَنْ أَغْلَقَ بَابَهُ فَهُوَ آمِنٌ، وَأَمَّا عَنْ الثَّانِي فَهُوَ أَنَّ وُقُوعَ الْقِتَالِ مِنْ خَالِدٍ إنَّمَا كَانَ لِمَنْ قَاتَلَهُ كَمَا أَمَرَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِهِ صَرَّحَ أَئِمَّةُ السِّيَرِ وَبِغَرَضِ أَنَّهُ بِاجْتِهَادٍ مِنْهُ فَلَا عِبْرَةَ بِهِ مَعَ رَأْيِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمَّا عَنْ الثَّالِثِ فَبِأَنَّ حِلَّهَا لَهُ لَا يَسْتَلْزِمُ وُقُوعَ الْقِتَالِ مِنْهُ لِمَنْ لَمْ يُقَاتِلْهُ وَكَمْ أُحِلَّ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَشْيَاءُ لَمْ يَفْعَلْهَا كَمَا يُعْرَفُ ذَلِكَ بِسِيَرِ خَصَائِصِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَمَّا عَنْ الرَّابِعِ فَهُوَ أَنَّا لَمْ نَجْعَلْ عَدَمَ الْقِسْمَةِ دَلِيلًا مُسْتَقِلًّا بَلْ مُقَوِّيًا عَلَى أَنَّ لَك أَنْ تَجْعَلَهُ مُسْتَقِلًّا بِأَنْ تَقُولَ الْأَصْلُ فِي عَدَمِ الْقِسْمَةِ أَنَّهُ دَلِيلٌ عَلَى الصُّلْحِ حَتَّى يَقُومَ دَلِيلٌ عَلَى خِلَافِهِ فَعَدَمُهَا ظَاهِرٌ فِي الصُّلْحِ وَإِنْ لَمْ يَسْتَلْزِمْهُ وَمَا نَحْنُ فِيهِ يُكْتَفَى فِيهِ بِالظَّاهِرِ، وَأَمَّا عَنْ الْخَامِسِ فَهُوَ أَنَّ أَكَابِرَهُمْ كَفُّوا عَنْ الْقِتَالِ وَلَمْ يَقَعْ إلَّا مِنْ أَخْلَاطِهِمْ فِي غَيْرِ الْجِهَةِ الَّتِي دَخَلَ مِنْهَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِهَا وَلَا بِمَنْ بِهَا؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا أَخْلَاطًا لَا يُعْبَأُ بِهِمْ كَمَا أَطْبَقَ عَلَيْهِ أَئِمَّةُ السِّيَرِ وَبِفَرْضِ تَأَهُّبِ قُرَيْشٍ لِلْقِتَالِ فَهُوَ لَا يَقْتَضِي رَدَّ الصُّلْحِ؛ لِأَنَّهُ لِخَوْفِ بَادِرَةٍ تَقَعُ مِنْ شَوَاذِّ ذَلِكَ الْجَيْشِ الْحَافِلِ لَاسِيَّمَا وَقَدْ سَمِعُوا قَوْلَ سَعْدٍ سَيِّدِ الْخَزْرَجِ وَحَامِلِ رَايَتهمْ بِمَرِّ الظَّهْرَانِ لِأَبِي سُفْيَانَ الْيَوْمُ يَوْمُ الْمَلْحَمَةِ أَيْ الْقَتْلِ وَإِنْ كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ كَذَبَ سَعْدٌ وَأَخَذَ الرَّايَةَ مِنْهُ وَأَعْطَاهَا لِوَلَدِهِ قَيْسٍ أَوْ لِعَلِيٍّ أَوْ لِلزُّبَيْرِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ فَإِنْ قُلْت يُؤَيِّدُ الْعَنْوَةَ قَوْلُهُ: صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَانِي يَوْمِ الْفَتْحِ فِي خُطْبَتِهِ لِأَهْلِ مَكَّةَ اذْهَبُوا فَأَنْتُمْ الطُّلَقَاءُ قُلْت لَا يُؤَيِّدُهُ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ فَأَنْتُمْ الَّذِينَ أَطْلَقَهُمْ اللَّهُ بِوَاسِطَةِ تَرْكِهِمْ لِلْقِتَالِ مِنْ أَنْ يُضْرَبَ عَلَيْهِمْ أَسْرٌ أَوْ اسْتِرْقَاقٌ وَحِينَئِذٍ فَهُوَ دَلِيلٌ لِلصُّلْحِ لَا لِلْعَنْوَةِ.
(فَدُورُهَا وَأَرْضُهَا الْمُحَيَّاةُ مِلْكٌ تُبَاعُ) كَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الْأَخْبَارُ وَلَمْ يَزَلْ النَّاسُ يَتَبَايَعُونَهَا نَعَمْ الْأَوْلَى عَدَمُ بَيْعِهَا وَإِجَارَتِهَا خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ مَنَعَهُمَا فِي الْأَرْضِ، أَمَّا الْبِنَاءُ فَلَا خِلَافَ فِي حِلِّ بَيْعِهِ وَإِجَارَتِهِ، وَأَمَّا خَبَرهُ مَكَّةَ لَا تُبَاعُ رِبَاعُهَا وَلَا تُؤَجَّرُ دُورُهَا فَضَعِيفٌ خِلَافًا لِلْحَاكِمِ قِيلَ: قَوْلُهُ فَدُورُهَا إلَخْ يَقْتَضِي تَرَتُّبَ كَوْنِهَا مِلْكًا عَلَى الصُّلْحِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ قَضِيَّتَهُ أَنَّهَا وَقْفٌ؛ لِأَنَّهَا فَيْءٌ وَهُوَ وَقْفٌ، إمَّا بِنَفْسِ حُصُولِهِ أَوْ إيقَافِهِ وَكَوْنُهَا غَيْرَ مِلْكٍ عَلَى الْعَنْوَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْمَفْتُوحَ عَنْوَةً غَنِيمَةٌ مُخَمَّسَةٌ وَالصَّوَابُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقَرَّ الدُّورَ بِيَدِ أَهْلِهَا عَلَى الْمِلْكِ الَّذِي كَانُوا عَلَيْهِ وَلَا نَظَرَ فِي ذَلِكَ إلَى أَنَّهَا فُتِحَتْ صُلْحًا أَوْ عَنْوَةً. اهـ.
وَيُرَدُّ بِمَا يَأْتِي أَنَّ مِنْ أَنْوَاعِ الصُّلْحِ أَنْ يَقَعَ عَلَى أَنَّ كُلَّ الْبَلَدِ لَهُمْ وَهَذَا هُوَ الْوَاقِعُ كَمَا يُشِيرُ إلَيْهِ قَوْلُ الْمُعْتَرِضِ وَالصَّوَابُ إلَخْ فَيَتَرَتَّبُ عَلَى هَذَا الصُّلْحِ أَنَّ أَرْضَهَا وَدُورَهَا مِلْكٌ لِأَهْلِهَا يَتَصَرَّفُونَ فِيهِ كَيْفَ شَاءُوا وَلَا يَتَرَتَّبُ ذَلِكَ عَلَى الْعَنْوَةِ؛ لِأَنَّهَا إذَا كَانَتْ غَنِيمَةً يَكُونُ خُمُسُ خُمُسِهَا لِلْمَصَالِحِ وَثَلَاثَةُ أَخْمَاسِ خُمُسِهَا لِجِهَاتٍ عَامَّةٍ فَلَا يَتَمَكَّنُ الْبَقِيَّةُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهَا كَذَلِكَ فَصَحَّ التَّفْرِيعُ فِي كَلَامِهِ عَلَى الصُّلْحِ لَا عَلَى الْعَنْوَةِ وَبَانَ أَنَّهُ لَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ وَمِصْرُ فُتِحَتْ عَنْوَةً وَقِيلَ صُلْحًا وَهُوَ مُقْتَضَى نَصِّ الْأُمِّ فِي الْوَصِيَّةِ وَحَمَلَهُ الْأَوَّلُونَ عَلَى أَنَّ الْمَفْتُوحَ صُلْحًا هِيَ نَفْسُهَا لَا غَيْرُ، وَإِنَّمَا بَقِيَتْ الْكَنَائِسُ بِهَا لِقُوَّةِ الْقَوْلِ بِأَنَّهَا وَجَمِيعَ إقْلِيمِهَا فُتِحَتْ صُلْحًا قِيلَ وَلِاحْتِمَالِ أَنَّهَا كَانَتْ خَارِجَةً عَنْهَا، ثُمَّ اتَّصَلَتْ فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْكَنَائِسَ مَوْجُودَةٌ بِهَا وَبِإِقْلِيمِهَا فَلَا يُتَصَوَّرُ حِينَئِذٍ إلَّا الْقَوْلُ بِأَنَّ الْكُلَّ صُلْحٌ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّهُمْ رَاعَوْا فِي إبْقَائِهِمْ قُوَّةَ الْخِلَافِ كَمَا تَقَرَّرَ وَدِمَشْقُ عَنْوَةٌ عِنْدَ السُّبْكِيّ وَمَنْقُولُ الرَّافِعِيِّ عَنْ الرُّويَانِيِّ أَنَّ مُدُنَ الشَّامِ صُلْحٌ وَأَرْضُهَا عَنْوَةٌ وَبَسَطْت الْكَلَامَ عَلَى ذَلِكَ كَأَكْثَرِ بِلَادِ الْإِسْلَامِ بِمَا لَا يُسْتَغْنَى عَنْ مُرَاجَعَتِهِ فِي إفْتَاءٍ فِيهِ أَبْلَغُ الرَّدِّ عَلَى ظَالِمٍ أَرَادَ إبْطَالَ أَوْقَافِ مِصْرَ مُحْتَجًّا بِأَنَّهَا فُتِحَتْ عَنْوَةً.
الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ: فَبَانَ صَرِيحُ قَوْلِهِ إلَخْ) مِنْ أَيْنَ.
(قَوْلُهُ: وَثَلَاثَةُ أَخْمَاسِ خُمُسِهَا) وَلِمَ تَرَكَ أَرْبَعَةَ أَخْمَاسِ الْغَانِمِينَ مَعَ أَنَّهَا تَمْنَعُ مِلْكَ أَهْلِهَا.
تَنْبِيهٌ:
لَوْ رَأَى الْإِمَامُ الْيَوْمَ أَنْ يَقِفَ أَرْضَ الْغَنِيمَةِ كَمَا فَعَلَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ، أَوْ عَقَارَاتِهَا، أَوْ مَنْقُولَاتِهَا جَازَ إنْ رَضِيَ الْغَانِمُونَ بِذَلِكَ كَنَظِيرِهِ فِيمَا مَرَّ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ لَا قَهْرًا عَلَيْهِمْ وَإِنْ خَشِيَ أَنَّهَا تَشْغَلُهُمْ عَنْ الْجِهَادِ؛ لِأَنَّهَا مِلْكُهُمْ لَكِنْ يَقْهَرُهُمْ عَلَى الْخُرُوجِ إلَى الْجِهَادِ بِحَسَبِ الْحَاجَةِ وَلَا يُرَدُّ شَيْءٌ مِنْ الْغَنِيمَةِ إلَى الْكُفَّارِ إلَّا بِرِضَا الْغَانِمِينَ؛ لِأَنَّهُمْ مَلَكُوا أَنْ يَتَمَلَّكُوهَا مُغْنِي وَرَوْضٌ مَعَ شَرْحِهِ.
(قَوْلُهُ: كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ) إلَى قَوْلِهِ وَأَمَّا مَا فِي فَتْحِ الْبَارِي فِي النِّهَايَةِ.
(قَوْلُهُ: وَهُوَ الَّذِي إلَخْ) أَيْ: وقَوْله تَعَالَى وَهُوَ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: {الَّذِينَ أُخْرِجُوا}) أَيْ: وقَوْله تَعَالَى الَّذِينَ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: فَأَضَافَ الدُّورَ إلَيْهِمْ) فِي الِاسْتِدْلَالِ بِهَذِهِ الْآيَةِ هُنَا نَظَرٌ لَا يَخْفَى. اهـ. رَشِيدِيٌّ عِبَارَةُ ع ش قَدْ يَتَوَقَّفُ فِي دَلَالَةِ هَذِهِ؛ لِأَنَّ إخْرَاجَهُمْ لَمْ يَكُنْ بَعْدَ الْفَتْحِ بَلْ كَانَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ وَالدُّورُ مَمْلُوكَةٌ لَهُمْ إذْ ذَاكَ. اهـ.
(قَوْلُهُ: يَدُلُّ إلَخْ) خَبَرُ وَالْخَبَرُ الصَّحِيحُ.
(قَوْلُهُ: وَلَمْ يَسْلُبْ) بِبِنَاءِ الْفَاعِلِ مِنْ بَابِ الْأَفْعَالِ أَيْ: لَمْ يُعْطِ السَّلَبَ.
(قَوْلُهُ: إلَى، أَوْبَاشِ قُرَيْشٍ) الْأَوْبَاشُ الْأَخْلَاطُ وَالسَّفَلَةُ. اهـ. قَامُوسٌ.
(قَوْلُهُ: بِالصَّفَا) جَبَلٌ مَعْرُوفٌ فِي مَكَّةَ.
(قَوْلُهُ: وَإِنَّ هَذَا إلَخْ) كَقَوْلِهِ وَإِنْ تَرْكَهُ إلَخْ وَقَوْلُهُ وَإِنَّ قَوْلَهُ إلَخْ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ إنَّهُ صَحَّ إلَخْ (قَوْله بِأَنَّهَا) أَيْ: مَكَّةَ.